قال الله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ والدنيا كمن يمشي في سفر ومحطات للوصول إلى المقصد ، ولا بدّ له من التزوّد لغيرها ، وكما في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً ، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةً ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ" . والإنسان يموت كلّ يوم، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . ولنتذكر دومًا هذا الحديث القدسيّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تعالى خلق ملكًا ينزل في كل ليلة ينادي ، يا أبناء العشرين ، جدّوا واجتهدوا ، ويا أبناء الثلاثين ، لا تغرّنّكم الحياة الدنيا ، ويا أبناء الأربعين ، ماذا أعددتم للقاء ربكم ، ويا أبناء الخمسين ، أتاكم النذير ، ويا أبناء الستين ، زرعٌ آن حصادُه ، ويا أبناء السبعين ، نودي لكم فأجيبوا ، ويا أبناء الثمانين ، أتتكم الساعة وأنتم غافلون . ثم يقول: لولا عباد رُكَّع ورجال خُشّع وصبيان رُضَّع وأنعام رُتَّع لصُبَّ عليكم العذابُ صبًّا . من رحمة الله وفضله علينا أنْ جعل لنا في هذه الحياة الدنيا محطات نتزود فيها بالإيمان والتقوى ، ونمحو ما علق في قلوبنا من آثار الذنوب والغفلات ، نلتقط فيها أنفاسنا ، ونعيد ترتيب أوراقنا ، فنخرج منها بروح جديدة ، وهمّة عالية ، قبل أن نصل إلى رقدتنا .